صفحتنا عالفيسبوك

أحدث المقالات

في أرض الخير....حتى الخُبز "يُزرع"


بعد أداء صلاة الفجر هي وصغارها الخمسة..
قامت لتحضر الفطور لأبنائها..لقيمات من الخبز ادّخرتها من البارحة
لتأمين الفطور للصغار قبل ذهابهم للمدرسة...يصاحبها كوب شاي ساخن..
 
لكن..
ياللخسارة!!
قطرات المطر التي لا تكفّ عن التسرّب من سطح المطبخ
كانت قد أصابت الخبز كاملاً بالبلل..فجعلته كالقطن المنفوش!!
 
تأرجحت دمعةٌ في عينيها..سرعان ما حبستها حين
حضر خليل للمطبخ يسلّي أمه ويحاكيها قبل خروجه..
 
- ما بالك يا أمّي؟؟  لِمَ أراكِ حزينة؟؟
 
-لا شيء يا حبيبي..فقط لا يوجد فطور اليوم, أصابت 
المياه الخبز, ولم يعُد صالحاً للأكل..
 
-لا بأس..سنتناول الشاي وحده, شرط أن تبتسمي :)
 
"الله يرضى عنك".. قالتها أم خليل وهي تحتضنه
وترى فيه بطلها الكبير..
 
بعد انقضاء كوب الشاي, خرج الثلاثة الكبار للمدرسة..
وحمل أكبرهم ("خليل" حامل الهمّ ذو الأحد عشر ربيعاً) كومة الخبز
المبلول, دون ان تلحظ أمّه ذلك..فقد كانت مشغولةً بأعمال البيت..
ومضى وقد أسرّ في نفسه شيئاً.
 
 
انتهى دوام المدرسة هذا اليوم..فانطلق خليل بسرعة البرق خارج المدرسة
يملأ تفكيره شيءٌ ما..يسعى إليه وكأنه يخاف أن يهرب منه!
 
كان الجوّ ماطراً بغزارة..والشارع يكاد يخلو من الناس إلّا من أبناء المدرسة
يمشون -وبعضهم يركض- مسرعين قبل أن يغرقوا بالمطر..

هناك وقف خليل..
كان ينتظر فراغ الشارع من ازدحام المارّة..وفي نفسه شيء..
حزن أمّه هذا الصباح..وجوع اخوته الصغار..جعلاه ينسى أمر المطر 
وشدّة البرد..
كان قد احتفظ بكيس الخبز المبلول قرب شجرة في طريقه للمدرسة, توجه إليها..
وأخرج كيس الخبز..ونثر شيئاً منه على الأرض..
واختبأ وفي جيبه كومةٌ من الحصى, وفي يده سلاح!
 
ترقّب..
.
.
وترقّب..
.
.
.
ثمّ..
 
هة..

ها هو يقترب..يقترب أكثر وأكثر..
وقبل أن يلتقط شيئاً, التقطه خليل بسلاحه وانتشى فرحاً..!!
.
.
بعد أن نفد الخبز..عاود خليل الكرّة..
نثر خبزاً واختبأ..
.
وعاود الصغار والكبار الكرّة أيضاً..
يعبثون بالقرب من الخبز..وقبل أن يلثموا منه شيئاً
كان يقتنصهم خليل بسلاحه الخشبيّ ببراعةٍ فائقة!
وينتشي فرحاً..ويرى طيف أمه تبتسم له..حتى قبل أن يعود للبيت..
 
 
عيناها حائرتان..تنظران للساعة بقلق.. 
-تأخّر الوقت..الساعة الرابعة عصراً..وخليل للآن لم يعد للبيت.
عاد سامر وعصام قبل ساعتين, أمّا هو..
يا ربّ تصبّرني...
 

سمعت صوت صغارها في الخارج يلعبون في المطر..
ثم سمعتهم ينادون فرحين 
-أجى خليل أجى خليل...
 
انطلقت بسرعة للباب تطمئن ما الذي أخّر فلذة كبدها..
فوقف خليل ضاحكاً
يلوّح لها بصيده الثمين الذي قضى نهاره بعد المدرسة بجمعه..
 
كان بيده أكثر من عشرة طيور بين عصافير وحمائم..
ناداها ضاحكاً:
 
-هذا هو خبزك المبلول يا أم خليل الغالية!!

في أرض الخير....حتى الخُبز "يُزرع"  في أرض الخير....حتى الخُبز "يُزرع" Reviewed by cooking on مارس 04, 2015 Rating: 5